الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
خطبة الجمعة بعنوان ذكر الله
8082 مشاهدة
شكر النعمة يزيدها وإنكارها يسلبها

واعلموا -رحمكم الله- أن ربنا سبحانه أسبغ علينا نعمه، وأمرنا بأن نكون من الشاكرين، وأخبر بأن من شكره فإنه يزيده؛ يقول الله تعالى: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ فإذا شكرتم نعم الله تعالى فاعترفوا بها، اعترفوا بأنها من الله؛ ليس بحولنا ولا قولنا، ولا قوة لنا في إقرارها ولا في بقائها؛ بل هي من الله تعالى، واعترفوا بأنها لا تدل على كرامتنا، ولكنها ابتلاء وامتحان؛ ليظهر من يقر بها ومن يعمل بها، ويظهر من ينكرها ويجحدها ويكفرها.
فمن شكر فإنه يزيده الله تعالى من فضله، ويعطيه، ويسبغ عليه فضله، وأما من كفرها وجحدها فإنه حري أن يسلبها أحوج ما يكون إليها؛ ولذلك حكى الله تعالى عن نبيه سليمان -عليه السلام- لما تمت عليه النعمة؛ قال الله تعالى: فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ؛ يعني: أن الله تعالى إذا أعطاك نعمه فإن ذلك ليس لكرامتك، ولكنه ابتلاء، وامتحان، فإذا اعترفت بأن هذا فضل الله وأنه نعمته وحده، وأنه المتفضل عليك؛ حيث أعطاك ما لم يكن في حسبانك، ولم يكن في قدرتك؛ فاشكره على ذلك، واعترف بأنه محض فضله، وأنه أيضا ابتلاء وامتحان، فإذا شكرت الله فأبشر بأن هذه الخيرات يزيدها ربنا، ويكثرها، ويسبغها، ويديمها، ويزيد للشاكرين من فضله، وكذلك أيضا يثيبهم ويجزل أجرهم، ويوفقهم للأعمال الصالحة.